سورة الأنعام - تفسير تفسير التستري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (125)}
وقوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} [125]. قال سهل: إن اللّه ميز بين المريد والمراد في هذه الآية، وإن كان الجميع من عنده، وإنما أراد أن يبين موضع الخصوص من العموم، فخص المراد في هذه السورة وغيرها، وذكر المريد وهو موضع العموم في هذه السورة أيضا، وهو قوله تعالى: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [52] فهو قصد العبد في حركاته وسكونه إليه، كما قال: {وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ} [الشورى: 38] فكل من وجد حال المريد والمراد فهو من فضل اللّه عليه، ألا ترى أنه جمع بينهما في قوله تعالى: {وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53] قيل له: فما الفصل بينهما؟ فقال: المريد الذي يتكلف القصد إليه والعبادة للّه تعالى ويطلب الطريق إليه، فهو في الطلب بعد، والمراد قيام اللّه تعالى له بها، والرجل يجد في نفسه ما يدل على المريد، والمراد يدخل في الطاعات وقتا يجد ما يحمله على الأعمال من غير تكلف وجهد نظرا من اللّه تعالى له، ثم يخرج بعد ذلك إلى علو المقامات ورفيع الدرجات.
قيل له: ما معنى المقامات؟ فقال: هي موجودة في كتاب اللّه تعالى في قصة الملائكة: {وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: 164] وقال: {وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [132]، وقال في صفة المريد: شغل المريد إقامة الفرض والاستغفار من الذنب وطلب السلامة من الخلق. وقال سهل: إن اللّه عزّ وجلّ ينظر في القلوب والقلوب عنده، فما كان أشدها تواضعا له خصه بما شاء ثم بعد ذلك ما كان أسرعها رجوعا، وهما هاتان الخصلتان. وقال: ما اطلع اللّه على قلب فرأى فيه همّ الدنيا إلّا مقته، والمقت أن يتركه ونفسه. والقلب لا يملكه أحد إلّا اللّه تعالى، ولا يطيع أحدا إلّا اللّه، فإذا ذكرت به فضع سرك مع اللّه، فإنه ليس من أحد وضعت سرك عنده إلّا هتكه، إلّا اللّه عزّ وجلّ.


{لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (127)}
قوله: {لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [127] قال: يعني سلم فيه من هواجس نفسه ووساوس عدوه.


{وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (129)}
قوله تعالى: {وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} [129] أي ينتقم اللّه تعالى من الظالم بالظالم، ثم ينتقم من الجميع بنفسه.

1 | 2 | 3 | 4